المادة    
يقول رحمه الله: "ومنها -أي من خصائص هذا البيت الإبراهيمي- أنه سبحانه جعلهم أئمة يهدون بأمره إلى يوم القيامة".
جعل الله هذا البيت المصطفى -بيت إبراهيم عليه السلام وذريته- أئمة يهدون بأمره إلى يوم القيامة.
ثم يقول رحمه الله:
"فكل من دخل الجنة من أولياء الله بعدهم، فإنما دخل من طريقهم وبدعوتهم، ومنها: أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين، كما تقدم ذكره.
ومنها: أنه جعل صاحب هذا البيت إماماً للناس، قال تعالى: ((إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124].
ومنها: أنه أجرى على يديه بناء بيته الذي جعله قياماً للناس، ومثابة للناس وأمناً، وجعله قبلة لهم وحجاً"
النصارى كانوا يحجون إلى القدس حيث بعث المسيح، وحيث كان الأنبياء، ولكن حين دخل الشرك فيهم، أصبحوا يحجون إلى أضرحة الأحبار والرهبان والأنبياء، كما هو الحاصل الآن عند ضريح بطرس، الذي بنيت عليه الكنيسة الضخمة في روما -حسب زعمهم، وإلا فـبطرس لم يصل إلى روما - فيحجون إلى ضريحه، ويقصده منهم الآلاف من الناس، ولذلك لما تبعتهم طوائف من الروافض ومن الصوفية، جعلوا الحج إلى حيث تكون أضرحة أئمتهم، فطوافهم نفس الطواف، والقصد نفس القصد.
والإنسان إذا ذهب إلى تلك المشاهد وبكى ودعا، فإما أنه لا يأتي إلى البيت الحرام نهائياً، أو يأتي وقد صرف شيئاً من العبادة هناك، وهذا هو الشرك، فالشرك: إما أن يعبد غير الله مطلقاً، أو يعبد الله ويعبد معه غيره.
والروافض في هذا الشأن شركهم أعظم وأشهر من أن يذكر، حتى إنهم وضعوا رواية مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج إلى تربة الحسين أفضل من الحج إلى مكة سبعين مرة، بل يجعلون تربة كربلاء أفضل من مكة .
يقولون:
ومن حديث كربلا والكعبة            لكربلا بان علو الرتبة
ثم تبعهم من تبعهم من طوائف الصوفية ؛ حتى إن بعض أصحاب الطريقة القادرية يذهبون -بعد الحج إلى مكة وبعد زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى بغداد لزيارة قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني ويرون أنه لا يكمل الحج إلا بذلك، فيذهبون إلى بغداد من أجل قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، ويصنعون عنده من الشرك العجب العجاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكان المفترض أن تحارب جميع الأمم هذا الشرك.. أن يحاربه اليهود والنصارى والمسلمون، كل الأمم التي تدعي الانتساب إلى إبراهيم عليه السلام، وتفخر بإبراهيم، وإبراهيم إمام الناس في التوحيد، وهو الذي بنى هذا البيت بأمر الله تعالى ليكون مثابة للناس وأمناً، وقياماً للناس، فكل من طاف عند بيت آخر بما شرعه الله عند هذا البيت؛ فقد نقض التوحيد وهدم هذا الأصل العظيم الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام، ومع ذلك فقد فعل اليهود ذلك قبحهم الله، وفعله النصارى، وفعله من بعدهم ممن اتبعهم من هذه الأمة.
ويجعل أهل الكتاب كل فضلٍ جعله الله لإبراهيم ولذريته محصوراً في ذرية إسحاق عليه السلام وحدهم، ويتنكرون لما وراء ذلك.
ثم يقول المصنف رحمه الله: [فكان ظهور هذا البيت من أهل هذا البيت الأكرمين] فهم أكرم الناس نسباً وفضلاً؛ كما في الحديث الذي ذكرناه: {الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم}.
  1. الصلاة على آل إبراهيم